لم اتخذ الله سبحانه وتعالى سيدنا ابراهيم خليلا دونا عن سائر الانبياء ?
ابراهيم خليل الرحمن مقولة شائعة ولكن اذا سأ لنا ماذا تعنى كلمة خليل؟يكون الرد السريع بأن خليل تعنىصديق!!
ولكن اذا سألت المجيب:وهل للرحمن اصدقاء من الانس او الجن.؟
يصعق المسؤل ببديهية السؤال وغرابة الاجابة فالله تعلى يقول:
(أَن دَعَوْالِلرَّحْمَنِ وَلَدًا (91) وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَن يَتَّخِذَوَلَدًا (92) إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِلاَّ آتِيالرَّحْمَنِ عَبْدًا ) مريم
فكيف يكون العبد صديقا لسيده ومالكه؟ هل يعقل ان يتخذ الرحمن ابراهيم صديقا دون خاتم الانبياء وصفوة الرسل
محمدا خير الانام ومسك الختام!!
"وحتى نزيل الفهم الشائع الذى يغضب الله سبحانه وتعالى والذى كمن فى عقولنا عن جهل طوال تلك القرون فى معنى تلك الكلمة التى تتشابه
مع ماذهب اليه اخرين ف" دعوا للرحمن ولدا"وهو الامر الذى اغضب الله سبحانه فقال (وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا (88)لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا (89) تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَمِنْهُ وَتَنشَقُّ الأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا (90) مريم
فجاء علمائنا بدون قصد ولم يزيلوا من عقول الامة ويوضحواان الله تعالى لم يتخذ احد من رسله صديقا!!!
بل ان الامام الرازى فى التفسير الكبير(مفاتيح الغيب)فىتفسيره لتلك الكلمة يورد ان :بعض النصارىقال: انه لما جازإطلاق اسم الخليل على إنسان معين على سبيل الاعزاز والتشريف، فلم لا يجوزإطلاق اسم الابن في حق عيسى عليه السلام على سبيل الاعزاز والتشريف.
مقدمة
ان معرفة معنى الخلة التى اختص بها الله تعالى سيدنا ابراهيم دون باقى رسله ستجيب على اسئلة كثيرة يطرحها العقل وستسد مداخل الشيطان
ان دراسة حياة وشخصية ابراهيم عليه السلام....لاتكتسب اهميتها من كونه ابا الانبياء و أن شرع محمدعليه الصلاة والسلام كان قريباً من شرع إبراهيم ثم إن شرع إبراهيم مقبولعند الكل، وذلك لأن العرب لا يفتخرون بشيء كافتخارهم بالانتساب إلىإبراهيم، وأما اليهود والنصارى فلا شك في كونهم مفتخرين به، وإذا ثبت هذالزم أن يكون شرع محمد مقبولاً عند الكل فحسب ولكنه مثل مرحلة هامة من الاصطفاء والتميز العقلى وان الله اعطاه شرف اكتشاف ارض الاباء و ان يمشى على خطاهم ويكون اول من يدعو بنى ادم للعودة لبيت الاجداد وجعل الله عودتهم عبادة منذ عهد ابراهيم عليه السلام
ونود ان نشيران القران ماقص قصة نبى فى سياق واحد متكامل الا قصةيوسف عليه السلام لحكمة لا يعلمها الا الله ..ام باقى الرسل والامم فالقران يقتطف لنا مقتطفات من حياتهم بقدر ما يهمنا ان نعرف جانب من حياة نبى اورسول
وهناك ملاحظة هامة جدا تفوت على كثير من الناس هى انهم يقرءون قصص ما قبلنا بمفهوم اليوم..وهذا خطأ منطقى
كما ان القران لم يقص علينا تفاصيل الحياة اليومية لاى من الرسل...
وفى قصة سيدنا ابراهيم اكد القران انه قد دخل فى خلافات وجدل مع قومه على جميع المستويات الى ان ذاع صيته واشتهر عنه انه اتى بدين جديد وانه يعرف الاله الحق
وللوصول للفهم الصحيح لكلمة " خليلا"
يتعين علينا ان نجيب على الاسئلة الاتية:
واولا: مامعنى كلمة "خليلا"فى قواميس اللغة؟ وفى امهات التفاسير؟
ثانيا:دراسة شخصية سيدنا ابراهيم ومعرفة ما هواسلوبه فى البحث عن الاله ؟
ثالث: ماذا قدم سيدنا ابراهيم عليه السلام للبشرية ليستحق ان يتخذه الله خليلا بالمعنى الصحيح للكلمة؟
رابعا:المعنى الصحيح المقصود من كلمة"خليلا"
:
فماذا تعنى كلمة خليل؟
اولا: فى معاجم وقواميس اللغة العربيةوايضا فى كتب
التفاسير
اولا
***************
سنعرض هنا لمعنى الكلمة فى معاجم وقواميس اللغة العربية:
***********************
(1) مقاييس اللغة: كلمة (خل)تعنى الشئ الذى يتقارب فروعه ومرجع ذلك اما الى دقة اوفرجة فيقال فلان يأكل خلله وخلاله اى مايخرجه الخلال من اسنانه وانا سمى الصديق خليلا لتقارب الصلة بين الصديقين وضيق الفرجة بينهما .. و(الخلال)هو المشط الذى يستعمل لتفريق الشعر من بعضه
(2)لسان العرب:كلمة (خلال)تعنى العود الذى يتخلل به..و(الخلة)الصديق الذكر او الانثى ...وتعنى (خلة)وقيل للصداقة خلة لان كل واحد منهما يسد خلل صاحبه فى المودة والحاجة اليه ..و(التخليل)تفريق شعر اللحية و اصابع الرجلين واليدين فى الوضوء..و(خليل) معد م فقير محتاج
(3)الصحاح فى اللغة: كلمة (الخلل)فساد فى الامروايضا هو الفرج بين الشيئين..كالخطأ والصواب مثلا وهى الكلمة التى نستعملها فى حالة وجود علة بسيطة او فرجة ضيقة فى جهاز نستعملة او ثوب نلبسه
(4)القاموس المحيط: كلمة(خليلة)بالضمة تعنى الصداقة المختصة لا خلل فيها تكون فى عفاف او دعارة....وكلمة(الخل والخلة)بكسرهما
المصادقة والاخاء
نخلص من عرض الكلمة على المعاجم والقواميس العربية انها لاتخرج عن احدى الامرين:
1-الصديق ذكرا كان اوانثى و تجمعهما صداقة لاخلل فيها وكل واحد منهما يسد خلل صاحبه فى المودة او الحاجة اليه وذلك لتقاربهما
2- او الخلة التىتخلخل وتحدث فارقا بين امرين وفرجة
ثانيا
كتب التفاسير
قبل ان نعرض لكتب التفاسير لبيان المقصود بكلمة خليلا نود ان نشير الى ان تلك الكلمة وردت ثلاث مرات كالاتى:
(1) سورة النساء - سورة 4 - آية 125
(ومن احسن دينا ممن اسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة ابراهيم حنيفا واتخذ الله ابراهيم خليلا)
(2) سورة الإسراء - سورة 17 - آية 73
)وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ ٱلَّذِي أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ لِتفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذاً لاَّتَّخَذُوكَ خَلِيلاً
يا ويلتى ليتني لم اتخذ فلانا خليلاا ((3) سورة الفرقان - سورة 25 - آية 28
ولنعرض الان المقصود من كلمة (خليلا) فى التفاسير:
1-تفسير الكشاف/ الزمخشري (ت 538 هـ)
{ وَٱتَّخَذَٱللَّهُ إِبْرٰهِيمَ خَلِيلاً } مجاز عن اصطفائه واختصاصه بكرامة تشبهكرامة الخليل عند خليله. والخليل: المخال، وهو الذي يخالك أي يوافقك فيخلالك، أو يسايرك في طريقك، من الخل: وهو الطريق في الرمل، أو يسدّ خللككما تسدّ خلله، أو يداخلك خلال منازلك وحجبك.
2-تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ)
قوله تعالىٰ: { وَٱتَّخَذَ ٱللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً } قال ثعلب: إنما سمي الخليلخليلاً لأن محبته تتخلل القلب فلا تدع فيه خللاً إلاَّ ملأته؛
وخليلفعيل بمعنى فاعل كالعليم بمعنى العالم. وقيل: هو بمعنى المفعول كالحبيببمعنى المحبوب، وإبراهيم كان محبّاً لله صلى الله عليه وسلم وكان محبوباًلله. وقيل: الخليل من الاختصاص فالله عزّ وجل أعلم ٱختص إبراهيم في وقتهللرسالة. واختار هذا النحاس قال: والدليل على هذا قول النبيّ صلى اللهعليه وسلم: " وقد اتخذ الله صاحبكم خليلاً " يعني نفسه. وقال صلى الله عليه وسلم: " لو كنت متخذاً خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً " أيلو كنت مختصاً أحداً بشيء لاختصصت أبا بكر رضي الله عنه. وفي هذا رد علىمن زعم أن النبي صلى الله عليه وسلم ٱختص بعض أصحابه بشيء من الدين. وقيل: الخليل المحتاج؛ فإبراهيم خليل الله على معنى أنه فقير محتاج إلى اللهتعالىٰ؛ كأنه الذي به الاختلال
قال الزجاج: ومعنىالخليل؛ الذي ليس في محبته خلل؛ فجائز أن يكون سمي خليلاً لله بأنه الذيأحبه واصطفاه محبة تامة. وجائز أن يسمى خليل الله أي فقيراً إلى اللهتعالىٰ؛ لأنه لم يجعل فقره ولا فاقته إلاَّ إلى الله تعالىٰ مخلصاً فيذلك. والاختلال الفقر
3- تفسير خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)
(. والكلمة مأخوذة من " الخاء ولام ولام ". و " الخَل " - بفتح الخاء - هو الطريق في الرمل، وهو ما نسميه في عرفنا " مدقاً " ، وعادة يكون ضيقاً. وحينما يسير فيه اثنان فهما يتكاتفان إن كان بينهما ودّ عالٍ، وإن لم يكنبينهما ودّ فواحد يمشي خلف الآخر. ولذلك سموا الاثنين الذين يسيرانمتكاتفين " خليل " فكلاهما متخلل في الآخر أي متداخل فيه. والخليل أيضاًهو من يسد خلل صاحبه. والخليل هو الذي يتحد ويتوافق مع صديقه في الخلالوالصفات والأخلاق. أو هو من يتخلل إليه الإنسان في مساتره، ويتخلل هوأيضاً في مساتر الإنسان. والإنسان قد يستقبل واحداً من أصحابه في أي مكانسواء في الصالون أو في غرفة المكتب أو في غرفة النوم. لكن هناك من لايستقبله إلا في الصالون أو في غرفة المكتب.
{ وَٱتَّخَذَ ٱللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً } أي اصطفاه الحق اصطفاءًخاصاً، والحب قد يُشارَك فيه، فهو سبحانه يحب واحداً وآخر وثالثاً ورابعاًوكل المؤمنين، فهو القائل:
{ وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ واتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَٰهِيمَ حَنِيفاً وَٱتَّخَذَ ٱللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً }
{ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلتَّوَّابِينَ }
[البقرة: 222]
وسبحانه القائل:
{ فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ }
[آل عمران: 76]
وهو يعلمنا:
{ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلصَّابِرِينَ }
[آل عمران: 146]
ويقول لنا:
{ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلْمُحْسِنِينَ }
[آل عمران: 148]
ويقول أيضاً:
{ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُقْسِطِينَ }
[الممتحنة: 8]
لكنه اصطفى إبراهيم خليلاً، أي لا مشاركة لأحد في مكانته، أما الحب فيعم، ولكن الخلَّة لا مشاركة فيها. ولذلك نرى رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج إلى قومه قائلاً: " أما بعد أيها الناس فلو كنت متخذا من أهل الأرض خليلا لاتخذت أبا بكر بن أبي قحافة خليلا وإن صاحبكم خليل الله تعالى) يعني نفسه ".
4- تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ)
وذهب غير واحد منالفضلاء إلى أن الآية من باب الاستعارة التمثيلية لتنزهه تعالى عن صاحبوخليل، والمراد اصطفاه وخصصه بكرامة تشبه كرامة الخليل عند خليله، وأما فيالخليل وحده فاستعارة تصريحية على ما نص عليه الشهاب إلا أنه صار بعدعلماً على إبراهيم عليه الصلاة والسلام. وادعى بعضهم أنه لا مانع من وصفإبراهيم عليه الصلاة والسلام بالخليل حقيقة على معنى الصادق، أو من أصفىالمودة وأصحها أو نحو ذلك، وعدم إطلاق الخليل على غيره عليه الصلاةوالسلام مع أن مقام الخلة بالمعنى المشهور عند العارفين غير مختص به بل كلنبـي خليل الله تعالى، إما لأن ثبوت ذلك المقام له عليه الصلاة والسلامعلى وجه لم يثبت لغيره ـ كما قيل ـ وإما لزيادة التشريف والتعظيم كمانقول، واعترض بعض النصارى بأنه إذا جاز إطلاق الخليل على إنسان تشريفاًفلم لم يجز إطلاق الابن على آخر لذلك؟ وأجيب بأن الخلة لا تقتضي الجنسيةبخلاف البنوة فإنها تقتضيها قطعاً، والله تعالى هو المنزه عن مجانسةالمحدثات.
5- تفسير مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير/ الرازي (ت 606 هـ)
ثم قال تعالى: { وَٱتَّخَذَ ٱللَّهُ إِبْرٰهِيمَ خَلِيلاً } وفيه مسائل:
المسألةالأولى: في تعلق هذه الآية بما قبلها، وفيه وجهان: الأول: أن إبراهيم عليهالسلام لما بلغ في علو الدرجة في الدين أن اتخذه الله خليلاً كان جديراًبأن يتبع خلقه وطريقته. والثاني: أنه لما ذكر ملة إبراهيم ووصفه بكونهحنيفاً ثم قال عقيبه { وَٱتَّخَذَ ٱللَّهُ إِبْرٰهِيمَ خَلِيلاً } أشعرهذا بأنه سبحانه إنما اتخذه خليلاً لأنه كان عالماً بذلك الشرع آتياً بتلكالتكاليف، ومما يؤكد هذا قوله
{ وَإِذَا ٱبْتَلَىٰ إِبْرٰهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَـٰتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنّى جَـٰعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا }
[البقرة: 124] وهذا يدل على أنه سبحانه إنما جعله إماماً للخلق لأنه أتم تلك الكلمات.
وإذ ثبت هذا فنقول: لما دلت الآية على أن إبراهيم عليه السلام إنما كان بهذا المنصب العاليوهو كونه خليلاً لله تعالى بسبب أنه كان عاملاً بتلك الشريعة كان هذاتنبيهاً على أن من عمل بهذا الشرع لا بدّ وأن يفوز بأعظم المناصب فيالدين، وذلك يفيد الترغيب العظيم في هذا الدين.
المسألة الثانية: ذكروا في اشتقاق الخليل وجوهاً: الأول: أن خليل الإنسان هو الذي يدخل فيخلال أموره وأسراره، والذي دخل حبه في خلال أجزاء قلبه، ولا شك أن ذلك هوالغاية في المحبة.
قيل: لما أطلع اللهإبراهيم عليه السلام على الملكوت الأعلى والأسفل ودعا القوم مرة بعد أخرىإلى توحيد الله، ومنعهم عن عبادة النجم والقمر والشمس، ومنعهم عن عبادةالأوثان ثم سلم نفسه للنيران وولده للقربان وماله للضيفان جعله اللهإماماً للخلق ورسولاً إليهم، وبشره بأن الملك والنبوة في ذريته، فلهذهالاختصاصات سماه خليلاً، لأن محبة الله لعبده عبارة عن إرادته لإيصالالخيرات والمنافع إليه.
الوجه الثاني في اشتقاق اسم الخليل: أنه الذي يوافقك في خلالك. أقول: روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " تخلقوا بأخلاق الله " فيشبه أن إبراهيم عليه السلام لما بلغ في هذا الباب مبلغاً لم يبلغه أحد ممن تقدم لا جرم خصه الله بهذا التشريف.
الوجهالثالث: قال صاحب «الكشاف»: إن الخليل هو الذي يسايرك في طريقك، من الخلوهو الطريق في الرمل، وهذا الوجه قريب من الوجه الثاني، أو يحمل ذلك علىشدة طاعته لله وعدم تمرده في ظاهره وباطنه عن حكم الله، كما أخبر الله عنهبقوله
{ إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبّ ٱلْعَـٰلَمِينَ }
[البقرة: 131].
الوجه الرابع: الخليلهو الذي يسد خللك كما تسد خلله، وهذا القول ضعيف لأن إبراهيم عليه السلاملما كان خليلاً مع الله امتنع أن يقال: إنه يسد الخلل، ومن هٰهنا علمناأنه لا يمكن تفسير الخليل بذلك،
واخيرا.....وبعد ان عرضنا اراء كتب التفسير فى معنى كلمة"خليلا"
نخلص لمايلى:
1- ان المفسرين قد اختلفوا اختلاف كبيرا فى معنى كلمة ..خليلا
بحيث يكون من الصعوبة بمكان القول بان خلة سيدنا ابراهيم لله رب العالمين تعنى صداقته له
2- ان الشيخ الشعراوىوضح هذا الخلاف بقوله
(وجلس العلماء ليبحثوامعنى كلمة " خليلاً " ، ويبحثوا ما فيها من صفات، وكل الأساليب التي وردتفيها )
وهذا يعنى ان المعنى الشائع لدينا ان سيدنا ابراهيم هو خليل الرحمن اى صديقه محل خلاف وليس اتفاق وانهم اى العلماء يبحثوا عنى معنى الكلمة من خلال صفاتها ! والمفروض العكس اى من معنى الكلمة نعرف صفاتها !
3-الامام الرازى كان الوحيد الذى قطع فى هذا الخلاف بقوله
(الخليلهو الذي يسد خللك كما تسد خلله، وهذا القول ضعيف لأن إبراهيم عليه السلاملما كان خليلاً مع الله امتنع أن يقال: إنه يسد الخلل، ومن هٰهنا علمناأنه لا يمكن تفسير الخليل بذلك)
4-* ان التاويلات التى يقوم بها اهل الفقه والعلم فانها تكون نسبية بحسب ارضيتهم المعرفية فى كل زمان
5-ان السطور القادمة ستساعد على اختيار المعنى السليم لكلمة خليلا
ثانيا:ما هواسلوب سيدنا ابراهيم فى البحث عن الاله؟
استخدم سيدنا ابراهيم المنهاج الجدلى العلمى للبحث عن لاله..وهو ما يعرف بالاثبات بالنفى واتباع اسلوب الاستدلال وليس العاطفة او الاتباع الاعمى وهذا هو السلوب السليم للوصول الى الغيبيات لذلك روى لنا الله تعالى اسلوب بحثه
(وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ (75) فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ (76) فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ (77) فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ (78) إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (79))الانعام
فهو هنا استخدم منهجا علميا للبحث لا يقبل نفى اى احتمال الابعد تجربته واثبات عدم صحته
وعندماخلص الى ان الخالق لا يمكن الوصول اليه بالعقل البشرى المحدود فوجه وجهه للذى فطر السماوات والارض..ويلاحظ هنا ان ابراهيم لم يوجه وجهه لله لانه لم يعرف الله بعد بهذا الاسم ..وانما عرفه بصفاته الظاهرة وهى انه هو الذى فطر السموات والارض..لذلك وصفه الله بانه ذو قلب سليم
(وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ (83) إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (84) إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا تَعْبُدُونَ (85) أَئِفْكًا آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ (86) فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (87))الصافات
اذا فان فطرة الانسان السليم يمكن ان توصله الى التيقن بوجود خالق للكون كما تقوده الى رفض تعدد الالهة
وبعدان عرف ابراهيم من هو الاله الحق اتبع نفس الاسلوب الجدلى فى نقل علمه الى ومه المشركين وهو اجتهد فى ان يدفعهم للتفكر والتدبر
(قَالُوا أَأَنتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ (62) قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُوا يَنطِقُونَ (63) فَرَجَعُوا إِلَى أَنفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنتُمُ الظَّالِمُونَ (64) ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُؤُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلاء يَنطِقُونَ (65) قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنفَعُكُمْ شَيْئًا وَلا يَضُرُّكُمْ (66) أُفٍّ لَّكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ (67))الانبياء فيلاحظ هنا انه لم يكتفى بالاسلوب الجدلى النظرى وانما لجأ الى الاثبات العملى وهو ان وضع الفاس على راس كبيرهم لعلهم يستحون من ضيق افقهم فهو هنا استعمل نظريته بنفى الالوهية عن المخلوقات العاجزة..وبالرغم من وضوح الحجة عليهم الا ان غرور قومه دفعهم لمعاقبته بدل من الاقرار بالحق المبين...
ثالثا: ماذا قدم ابراهيم للبشرية ؟
قبل الاجابة على هذا السؤال يتعين علينا ان نوضح امرا هاما سوف يكون لنا اكبر معين لتوضيح تلك الاجابة وهى تخلص...فى ان الله سبحانه وتعالى
ظل يرسل الانبياء لتعليم الانسان امورا هامة تعينهم على التعامل مع الطبيعة بالاضافة الى تكليف الانبياء بمهمة تطوير الانسان اخلاقيا وروحيا وربطه بخالقه....ولكن تلك الرسالات اختلفت بأختلاف الزمان والمكان ودرجة تطور المجتمع المرسل اليه روحيا وماديا...فلهذا فان بعض الرالات اشتملت على طفرات وتعاليم استفاد منها قوم الرسول المعنى ولم تدوم اوتتعدى اقوام اخرى.فى حين ان هناك رسالات اشتملت على علوم ودروس
افادت البشرية فى كل زمان ومكان ولتوضح المقصود نضرب امثلة لرسالات قبل وبعد سيدنا ابراهيم:
(1) رسول الله نوح عليه السلام علم قومه صناعة الفلك.. ولكن ذلك العلم تقتصر الاستفادة منه على سكان السواحل فقط
(2)رسول الله ادريس عليه السلام علم الانسان الزراعة فىمصر وهذه الفائدة عامة لكل البشر
(3)رسول الله يوسف عليه السلام علم قومه تفسير الاحلام وادارة الازمات
وهذا العلم لا يفيد الا القليل من البشر
(4)رسول الله داؤود عليه السلام علم قومه صناعة الحديد وهى طفرة استفادت منها البشرية
(5)رسول الله سليمان عليه السلام امتلك الجن والريح ولكن زال هذا العلم والسلطان بموته ولم يستفاد منه احد ..حتى ان اليهود اخرجوه من زمرة الانبياء واد خلوه فى زمرة الملوك
(6)رسول الله عيسى ابن مريم احيى الموتى بأذن الله وعالج امراض مستعصية واستفاد من علمه من اهل زمانه فقط وانتهتعجزاته بانتهاء عهده
(7)اما خاتم الرسل سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فا ن كتاب الله الذى انزل عليه وفيه تبيانا لكل الامور هو معجزته الباقية لابد الدهروهى رسالة عامة تشمل جميع العالمين ويستفاد منها فى كل مكان وزمان
وبعد ان استعرصنا دور كل نبى فى مسيرة البشرية بأيجاز شديد يطل علينا السؤال الذى كنا قد طرحناه من قبل الاهو:
ماذا قدم سيد نا ابراهيم للبشرية حتى يطلق عليه خليل الرحمن دون باقى الانبياء ؟
قبل عهد سيدنا ابراهيم عليه السلام لم يكن الانسان لديه وسيلة(منهج علمى )يمكنه من دراسة وتطوير واقعه بصورة علمية وبسيطة.
وهذا المطلب يتخطى زمن سيدنا ابراهيم ويشمل كل زمان ومكان فالانسان يحتاج الى اسلوب علمى يكون دليله فى التفرقة بين الحقيقة والوهم فى تعامله مع الطبيعة والانسان الاخر وكان هذا المطلب ملح جدا.
وكان هذا المطلب يحتاج (الطفرة العقلية) كانت تحتاج الى مفكر او فليسوف
يكون مدرسة وحده(امة..اماما..)ليقوم بهذه الوثبة (الطفرة) الفكرية الكبيرة فى تاريخ الانسان الذى اصبح عقله متقبلا لها .
ومن هنا بعث الله سيدنا ابراهيم برسالته التى كانت من اهم صفاتها ان يخاطب العقل البشرى ويحرره من الخرافات والاساطير ويعلم الانسان منهاجا علميا يستطيع به ان( يفرج) بين الحقيقة والوهم كما راينا فى جوانب حياة سيدنا ابراهيم التى اشرنا اليها سابقا. فأتخذه الله خليلا
رابعا: المعنى المقصود من كلمة" خليلا"
الثابت مما اسلفنا ان المعنى الصحيح للكلمة بعد التدبر فى اللغة التى روى بها الله لناقصته ان سيدنا ابراهيم كان حريصا دائما على خلخلة الباطل باحداث فرجة تشكك فيه وتحر ر العقل من سلطان الجهل والخرافة الى حرية الفكرحتى يتسرب نور الحق الى عقول الناس وما المثال الذى ضربه يتكسير الاصنام ماعدا كبيرهم ومجادلته لقومه ماهو الا اكبر مثال لخلخلة الباطل من عقول الناس فهو يستخدم كما بينا اسلوب تمحيص الادلة واختيار المنطقى منها فاسلوبه العلمى كان بداية لتحرر الانسان من الخرافة واطلاق عقله للتدبر فى ملكوت السموات والارض كما ينادينا الله ويطالبنا فى كتابه العزيز بذلك وسيدنا ابراهيم هو امام والفليسوف وصاحب مد(رسة الحنفية التى تشع افكارها (الجدلية) مر العصور ولكل البشرفمدرسته هى التى مهدت بافكارها لفهم الرسالات السماوية والتى كان ختامها الرسالة المحمديةولهذا كان سيدنا ابراهيم جديرا ان يطلق عليه خليل الرحمن فهو مخلخل الباطل وصاحب مدرسة الحنفية التى تنادى بتحرير عقول البشر فى كل زمان ومكان