النوم الطبيعي .. بعيداً عن المهدئات
ترجمة : لينا قبق
دبلوم تخصصي في الإرشاد النفسي ، دبلوم عام في التأهيل التربوي
عاملة في مجال البحث التربوي في وزارة التربية / دمشق
الدكتورة آيلين فوشيه طبيبة في معهد تالاسا / دينار / فرنسا /
مترجم عن الفرنسية من مجلة الصحة والطب 1999
مقدمة :
يزداد استهلاك المنومات بنسبة 10 %سنوياً منذ عشر سنوات .. و يتناول هذه الأدوية حوالي 9ملايين
شخص في بلادنا .. و لكن هل تشكل المنومات جواباً صحيحاً على الأسباب الفعلية للأرق و هي
نمط الحياة و الإجهاد و القلق ؟؟
قد تنفع المنومات في بعض الظروف و لبعض الأشخاص في حالة الأرق الطارىْ ، غير أنه يجب عدم
ت تناولها لمدة تزيد على ثلاثة أسابيع . فتناولها لمدة طويلة يشكل فخاً يجعل الأرق أكثر ديمومة و خطورة
إنك تجد صعوبة في النوم .. إذا حدث ذلك إثر ظرف مقلق طارىء (انزعاج) أو مشكلة صحية
بسيطة فإنه يختفي من تلقاء نفسه ..
أما إذا كانت المشكلة طويلة العهد أي مزمنة و ترتبط بنمط حياة فوضوي
متبع منذ مدة طويلة بحيث يظهر الأرق لدى حدوث أي ظرف مقلق ( إجهاد، تعب زائد) يصبح
ا الأمر أكثر خطورة .
إ إنك تستيقظ في وسط الليل .. الاستيقاظ المتكرر يتصف به الأشخاص القلقون وهذا النوع من
ال الأرق يعتبر خطراً عندما يصبح مزمناً ..
في كلا الحالين ، يصبح الانتقال من حالة اليقظة إلى حالة النوم صعباً نتيجة التوتر والانزعاج والتهيج
الزائد .. وكل إجهاد وتوتر يشكل تحريضاً لوضع "الفيضان " هذا مما يقوي دائرة الأرق المفزعة .
ويمكننا أن نقول أن الحلول الناجعة تستدعي إعادة التوازن لنمط الحياة اليومي .
إنك تخاف من الفجر ..الاستيقاظ حوالي الساعة الخامسة صباحاً مع نوم مضطرب حالة يتصف بها
الأشخاص القلقون اللذين يخشون صعوبات وفراغ اليوم الجديد في حياتهم .
شكوى الأرق
إذا كنت تستيقظ و أنت متعب فإن عليك التحدث عن ذلك دون انتظار . لأن هذا النوع من الأرق يرافق
حالة الاكتئاب والتي قد تعود على سبيل المثال إلى حزن لم يندمل . وقد يقترح عليك الطبيب
مساعدة العلاج النفسي، غير أن الطلب يجب أن يأتي منك . و في مجال العلاج النفسي، قد يوصي
بالاسترخاء أو غيره شريطة أن تتم المتابعة من قبل نفس المعالج .
توقيف المنومات تحت المراقبة
إذا كنت ترغب في التوقف عن تناول المهدئات أو المنومات ، فالتوقيف يجب أن يكون تدريجياً
و تحت مراقبة طبيب يحدد لك كيفية تخفيض و توزيع الجرعات ( خلال أسبوعين إلى ثمانية أسابيع ) .
تغيير النمط
" اضطرا بات النوم حالات معقدة دائماً .. وهي تدل على اضطراب في نمط عمل الجهاز العصبي " .
وإن إعادة نمط عمل الجهاز العصبي هذا إلى طبيعته يحتاج دائماً إلى بعض الوقت خاصة إذا كانت
المشكلة مزمنة .. حيث لا يمكن حل مثل هذه المشكلة بين يوم وآخر . مهما كانت الطريقة اللطيفة
المتبعة , بما في ذلك الاسترخاء ..ويجب أن يتحلى المرء بالصبر " ..
التباطؤ
لا يمكن الانتقال بسهولة من النشاط الزائد إلى الراحة .. لا بد من التباطؤ و إزالة الضغط تدريجياً .
يجب أن يهدأ الجسم و ينتقل الدماغ من حالة التنبه إلى حالة الاسترخاء .
ويعني تغيير نمط الحياة تنظيم "ممر نفسي " ويعني هذا تبديل الأفكار بحيث يهتم المرء بنفسه
و يمنحها وقتاً مريحاً و لو لفترة قصيرة، وهذا أمر بديهي و لكنه فعال .
والهدف هو إحداث انقطاع يتصف بالسرور قدر الإمكان ، بين النوم والحياة النشطة.
لا رياضة و لا مشي سريع
النشاط الجسدي يعتبر طريقة ناجعة لإزالة الضغط و لكن بشرط عدم الإفراط . المشي أو
السباحة ببطء يؤديان إلى استرخاء عضلي جيد. غير أن المشي السريع
( ما يسمى بتدريب القلب) و الهرولة لا يوصى بهما على الإطلاق في نهاية النهار كما لا يوصى
بأي نشاط من شأنه أن يزيد من تنشيط القلب و أن يحرض الجهاز القلبي الوعائي أكثر من اللزوم .
الاعتماد على ساعة الاستيقاظ
إذا كنت تستيقظ و أنت بكامل حيويتك بعد نوم استمر 5 أو 6ساعات فقط، ليس من الضروري أن
تلزم نفسك بالنوم المبكر . فأي ضغط على النمط الطبيعي لديك قد يحدث مشكلة أرق .
الحل هنا هو تعيير مدة النوم ليس اعتباراً من ساعة النوم و لكن اعتبارًا من ساعة الاستيقاظ .
فقد تستيقظ مبكراً خلال بضعة أيام بينما تؤخر تدريجياً ساعة نومك . بعد تعيير ساعة و مدة النوم
على هذا النحو، يجب المحافظة على توقيت منتظم إلى أبعد حد ممكن .
اختر الاسترخاء
تقنيات الاسترخاء تؤثر على الناحية الجسدية و على الناحية النفسية و بالتالي فهي ممتازة
للمساعدة على التخلص من الإجهاد و الوصول إلى حالة الراحة . جميع هذه التقنيات مبنية
على مبدأ الاستماع إلى الجسم لجعل العقل يسترخي .. و هي تشكل طريقة جيدة لتهدئة
النفس بشكل طبيعي .
و تقنية الاسترخاء المسماة "سوفرولوجيا " غير معروفة بشكل جيد حتى الآن و هي تسمح بجعل
الدماغ يعمل على موجات ألفا أي يصبح في حالة هدوء أكثر ، وهي حالة وسطية بين اليقظة و السبات
مما يجلب الإمكانيات الإيجابية المتوفرة في اللاشعور .
وعن طريق اختبار النوم وتجربته من خلالها ، تكون قد دربت نفسك على النوم " الحقيقي" ..
وتستعمل هذه التقنية بنجاح في عدد من مراكز المستشفيات و مراكز المعالجة بالماء، ضمن
إطار العلاج المسمى "بحر النوم " و ذلك بالاشتراك مع جلسات استرخاء في حوض يحتوي على
مياه البحر. و تقنية السوفرولوجيا تطبق من قبل طبيب أو أخصائي في علم النفس في جلسات
يفضل أن تكون إفرادية بغية معالجة مشاكل النوم .
لذة النوم
كل شخص له إجراءات خاصة يتبعها للوصول بهدوء إلى النوم و لو أدى ذلك إلى تغيير عاداته..
فهنالك تخفيض الأنوار و تغطية الصور و توقيف الأصوات وملء المغطس و إشعال شمعة معطرة ...
كل ما يساعد على التهدئة .. يعتبر جيداً .. عليك أن تفصل نفسك تدريجياً عن نمط النهار لتدخل
بهدوء في نمط الليل .
النوم السيىء يتعس الحياة ، غير أنه قبل الاستسلام للمنومات هل أنت واثق بأنك لجأت إلى
جميع الحلول الطبيعية الممكنة ؟ .......
إجعل غرفة نومك حالمة
من الناحية الرمزية و الواقعية على السواء يجب أن تظل غرفة نومك مكاناً يتصف بالهدوء
و الراحة .النوم في غرفة مهواة و بعيدة عن الضوضاء و مرتبة أسهل بكثير من النوم في غرفة دافئة أكثر
من اللازم أو مضاءة أكثر من اللازم ..
التعتيمِِ
يجب و بشكل خاص التفكير في إغلاق الستائر حتى تصبح الغرفة ظليلة .التناوب بين النور
و الظلمة ضروري لجسدنا من أجل تنظيم دوراته المختلفة المرتبطة بالنوم واليقظة .
والظلمة تحرض الجسم على تركيب الميلاتونين ، و هو هرمون النوم ، بينما النور يثبطه .
والغدة الصنوبرية الموجودة في منتصف الدماغ هي التي تنتج الميلاتونين و يتم تحريضها
أو تثبيطها بواسطة العين حسب شدة الإنارة . لقد تم قياس هبوط مفاجئ في معدل الميلاتونين
كلما جرى إشعال النور خلال الليل .
إغلاق التلفاز
توجد أدلة تشير إلى أن النور المنبعث من شاشة التلفاز يعطي مفعولاً سلبياً على
الغدة الصنوبرية في جميع الأحوال ، بما أن الهدف هو جعل الجهاز العصبي ينتقل إلى طور
الراحة ، يجب فصل عينيك و أذنيك عن المؤثرات إلى أبعد حد ممكن أي تخفيض شدة المهيجات
الحسية . و يجب الامتناع أيضاً عن التهيج النفسي .لا يجوز مشاهدة فيلم رعب قبل النوم
و يجب الانتباه أيضاً إلى عدم مشاهدة الأخبار التي ترد فيها صور مرعبة و برامج المناقشات
التي تثير الجدل بشكل مزعج .جميع الانفعالات القوية ( ما لم تكن مفرحة ) لا يوصى بها
لمن يعانون من اضطرا بات في النوم.
تلطيف الجو
قبل أن تنام بمدة كافية ، عليك أن تشغل جهاز تبخير الزيوت ( العطور ) .. و يجب اختيار أكثرها
تهدئة مثل عطر الخزامى وعطر الحمضيات اللطيف . ومزيج من الزيوت الأساسية للمندرين
و والبرتقال و الليمون من شأنه أن يساعدك على النوم . وأما مزيج المندرين (المهدئ)
و الأوكاليبتوس ( المطهر ) فإنه يعتبر نموذجياً من أجل تطهير جو الغرفة و المساعدة على النوم.
ومزيج الليمون و الالجيرانيوم يفيد في إزالة روائح التبغ ، وهو يقوم بتبخير هذه الزيوت بشكل جيد دون أن
يفككها ، وفي النهاية لاتنسى إطفاءه ..
حمّام الليل .. تصبحون على خير
حمام الليل يعطي الأمل في النوم نوماً هادئاً . فالمياه الدافئة تهدهدك و تلاطفك فتتلاشى توتراتك ..
وإذا أضفت إلى المغطس بضع نقاط من الزيت الأساسي للخزامى أو المليسة والذي يتمتع بمفعول
مهدئ للتوتر النفسي ، فإن توتراتك تخف وتصبح مهيئاً للنوم بهدوء وأنت مازلت في الحمام ..
تبدبد التوترات وإزالتها
يمكنك القيام وأنت مستلق على سريرك بعمليات تدليك صغيرة و سريعة لمؤخرة العنق و أعلى
عضلات العين ، مما يجعل التعب يتلاشى .. ويجب التدليك بطريقة العجن الخفيف و الانسيابي ..
ومما يزيل الإجهاد أيضاً إلى حد كبير تدليك اليدين إصبعاً بإصبع ، ومن ثم تدليك الكف و ملامسة
كامل منطقة عظم القص و الرقبة.
هذا التدليك يصبح أكثر فائدة إذا استعمل معه زيت اللوز الحلو مضافاً إليه بضع نقاط من زيت البابونج .
اتخذ الوضعية الجيدة
بعض الأذيات المفصلية في العنق ( حتى إذا كانت خفيفة) تجعل المرء يتخذ و ضعية سيئة للرأس
أثناء الليل . يجب استبدال الوسادة الضخمة بمخدة صغيرة توضع تحت الفقرات الرقبية و كل شيء
يصبح أفضل ..
استمع إلى الموسيقا الهادئة
يجب عدم الاستسلام للأرق والبقاء في السرير . إذا ظهر لك أنك لا تستطيع النوم فلا تظل
قلقاً و أنت مستلق في السرير بل انهض و انتقل إلى غرفة أخرى ( مظلمة إذا أمكن ) و استمع
إلى الموسيقا بانتظار عودة طور النوم التالي . في قرارة نفسك ، تصورات سريرك و غرفة نومك
يجب أن تبقى مرافقة لما هو هادئ و مولد للاطمئنان ..
العشاء .. تذكر الميلاتونين
فنجان من الحليب الساخن قبل الذهاب إلى الفراش يساعد على النوم .و خاصة إذا أضيف له
بضع قطرات من العسل أو زهر البرتقال. حيث يحتوي الحليب على حمض أميني هو التريبتوفان وهو يعمل ك
كأساس لتركيب الميلاتونين في الجسم. و نفس هذه المادة موجودة في الحبوب و البيض و اللحم.
والسكر يزيد أيضاً معدل الميلاتونين . من هنا جاءت فكرة إضافة بضع قطرات من العسل . أما ماء زهر
البرتقال فهو معروف بخواصه المخدرة منذ زمن طويل .
وبشكل عام ، كلما كانت وجبة المساء خفيفة كلما سهل هضمها . ويجب عدم تناول القهوة أو الشاي
بعد الساعة السادسة عشرة . ويجب أن نتذكر أن الكحول و التبغ هما أيضاً مهيجان .
ولا بد من الانتباه لعصير الفواكه المحتوي على كميات كبيرة من الفيتامينات و الذي يتم تناوله قبل
أو بعد الرياضة .
التداوي بالنباتات
تتميز نباتات الليل بمفعولها المهدئ دون أعراض ثانوية . فهي لا تؤدي إلى الاعتياد (الإدمان)أو إلى
اضطراب النوم العميق كما تفعل المنومات الكيماوية.
كل واحدة من هذه النباتات تعمل بطريقتها الخاصة : حشيشة الدينار و الايكولتسيا مرخيتان للأعصاب.
أما الناردين ( الجذور ) فيوصى بها في حالة التعب و الإرهاق إذ تؤثر على الجهاز العصبي المركزي
( علاج قصير المدة ) البالوت و زهرة الآلام تخففان التوتر العصبي و الإحساس بالقلق لدى الأشخاص
الذين يستيقظون في وسط الليل .
زهرة الزعرور البري تعتبر مادة منومة خفيفة يوصى بها للذين يشعرون بخفقان ( بعد استبعاد أي مرض
عضوي ) في القلب . جميع هذه النباتات تساعد على استعادة الهدوء من أجل الوصول إلى مرحلة
النوم دون أن يشعر المرء بالنعاس والخمول بعد الاستيقاظ .
تعطى هذه النباتات كمغلي أو كخلاصة على شكل نقاط أو و جبات أو حبيبات و يجب تناولها قبل
وجبة المساء حتى يتاح لها الوقت الكافي لإعطاء مفعولها .
و إذا لزم الأمر يمكن تناولها ثانية قبل النوم مباشر .